العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان وبداية النهاية

الكثير منا يعتقد أن الإدمان يحدث فقط لأسباب محددة مثل العائلة والمجتمع والأسرة والظروف الاجتماعية، وهذا ما يجعل الكثير أيضًا يجهل ما هي طبيعة العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان، كشفت لنا إحصائيات الإدمان أن أعداد كبيرة يقعون في هذا الفخ بسبب صدمات الطفولة، والرغبة في الهروب من الواقع المؤلم بالذهاب إلى مواد مخدرة تذهب العقل، وتفصل الإنسان تمامًا عن العالم المحيط، ولكن هذه الطريقة ليست إلا بداية النهاية التي تزيد من المخاطر والأضرار التي يتعرض لها المدمن، وبالطبع طريق الإدمان يقود الإنسان إلى الموت البطيء تحت تأثير المادة المخدرة، استمر معنا في القراءة لتتعرف على المزيد من المعلومات حول صدمات الطفولة، وأنواعها المختلفة وما هي العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان.

مفهوم صدمات الطفولة

اليوم سنتحدث معك عن العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان لذلك في بداية الأمر سنتحدث عن مفهوم صدمات الطفولة، وما هي إلا مجموعة من الأحداث السلبية التي تؤثر سلبًا على الإنسان، واستجابته العاطفية والنفسية على المدى البعيد، كما أن تأثير الصدمة يظهر جليًا على طريقة تعامل الإنسان مع المواقف، والأحداث الشبيه بالموقف الصادم، وصدمات الطفولة يكون لها تأثير بالغ العمق مع التقدم في العمر، وصنف علماء وخبراء الطب النفسي صدمات الطفولة إلى عدة أنواع سنتحدث عنها بعد قليل.

العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان ترجع إلى مدى أهمية مراحل النمو الأولى للطفل، وتأثيرها الشديد على سلوك ونمط تفكير الطفل الذي يصل إلى سن البلوغ ولديه رغبة في العلاج الذاتي، ومداومة الألم النفسي والعاطفي بالتعرض المبكر إلى المخدرات، ومن أشهر صدمات الطفولة التي يتعرض لها الطفل وتعزز من سلوكه الإدمانية التنمر والرفض المجتمعي والحرمان والسخرية والتجاهل وغيرها.

موضوعات ذات صلة: العلاقة بين المخدرات والتحرش الجنسي

أنواع الصدمات

لتكون على قدر من الفهم بطبيعة العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان يجب أن تكون أكثر معرفة بأنواع، وأشكال صدمات الطفولة التي تكون السلوك الإدماني للطفل، وإليك تفاصيل أشهر 4 أنواع من صدمات الطفولة:

1_ الصدمة الحادة

هناك أطفال يتعرضون إلى موقف صادم أو حدث خطير يعزز من التأثير السلبي على الاستجابة العاطفية، والشائع أن هذا النوع من الصدمة يكون له تأثير على المدى القصير، ويرجع ذلك إلى تطور اضطراب ما بعد الصدمة وأعراضه الجانبية، والتي تشمل كلًا من القلق والتوتر والتقلبات المزاجية والسلوكيات المضطربة، لذا ينصح الاطباء بالتدخل المبكر لمداومة الصدمة ومنع أعراضها من التفاقم، ومن أمثلة هذه الصدمات الحادة ما يلي:

  • حوادث السير.
  • الإساءة الجسدية.
  • الإصابات الخطيرة.
  • التعرض للاعتداء بإطلاق نار جماعي.
  • الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب.
  • الكوارث الطبيعية.

بالطبع التعرض للصدمة الحادة يترافق مع مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية، ومن أبرزها ما يلي:

  • الهياج والانفعال.
  • الشك والارتباك.
  • القلق أو التوتر الشديد.
  • نوبات الذعر.
  • السلوكيات العدوانية.
  • اضطرابات عادات النوم والأرق.
  • صعوبة القيام بالمهام اليومية.
  • الانفصال عن الواقع.
  • الأوهام والضلالات.
  • التغافل عن العناية بالذات والنظافة الشخصية.

2_ الصدمة المزمنة

التعرض إلى الصدمة المزمنة يعني تكرار الصدمة لعدة أشهر أو سنوات، وبالتالي يكون من الصعب على الطفل التعايش أو التأقلم مع مثل هذه الصدمة التي تعزز من السلوك الإدماني، وإليك مجموعة من أشهر الصدمات المزمنة التي قد يتعرض لها المدمن كما يلي:

  • العنف المنزلي.
  • الرفض المجتمعي.
  • التنمر.
  • الاعتداء الجنسي.
  • التعنيف داخل الأسرة.
  • الإهمال الأسري أو سوء المعاملة.
  • التشرد.
  • تكرار الخضوع للعمليات الجراحية.
  • الإصابة بمرض مزمن.
  • الحروب.

الصدمة المزمنة من أخطر أنواع الصدمات التي قد يتعرض لها الطفل، وتقوده عند الكبر إلى طريق الإدمان للهروب من الألم الجسدي والنفسي، والأعراض الجانبية لهذا النوع من الصدمات يكون عبارة عن سلسلة من النوبات كما يلي:

  • تقلبات حالة المزاج.
  • الغضب الشديد.
  • استرجاع ذكريات الحدث المؤلم.
  • الانفعال السريع.
  • التوتر والقلق.
  • التعب العام.
  • أوجاع وآلام الجسم.
  • صداع الرأس.

هناك دراسة علمية أشارت إلى النوع السابق من الصدمات يكون سبب رئيسي في بعض المشكلات، والتي من أبرزها ما يلي:

  • انخفاض معدل التحصيل الدراسي.
  • جرائم القتل أو السرقة.
  • مشاكل تدني احترام الذات.
  • عدم تقدير الذات.
  • صعوبة التعامل مع الآخرين.

3_ الصدمة المعقدة

في إطار موضوع اليوم عن العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان سنوضح لك ما هو المقصود بالصدمة المعقدة، حيث أنها سلسلة من المواقف والأحداث الصعبة التي تشعر الإنسان بأنه محاصر من جميع الجهات، كما يفقد الشعور بالأمان والاطمئنان، ومن ضمن هذه الصدمات التالي:

  • العلاقات السيئة.
  • التعرض للعنف المنزلي.
  • المشاكل الأسرية.
  • وسوء معاملة الطفل أو إهماله.

4_ الصدمة الغير مباشرة

الصدمة الغير مباشرة واحدة من أهم العوامل التي توضح طبيعة العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان، والتي تكون ناتج مشاهدة أحداث صادمة بشكل متكرر، وبالتالي يكون لذلك آثر على الصحة العقلية والاستجابة العاطفية والنفسية.

الصدمة والإدمان حالتان منفصلتان

العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان من العلاقات الطبية الأكثر تعقيدًا، حيث أنه على الرغم من إثبات أن العديد من مرضى الإدمان لديهم تاريخ مع صدمات الطفولة، إلا أن العديد من الاطباء يرغبون دائمًا في التأكيد على أن الإدمان وصدمات الطفولة حالتين منفصلتين.

فالصدمة النفسية أثناء الطفولة ليست إلا استجابة عاطفية للتعرض إلى موقف، أو حادث مؤلم يترك آثر في الدماغ والحالة النفسية، بينما الإدمان هو اضطراب مزمن يؤثر على الدماغ مع مرور الوقت في حالة عدم الخضوع إلى العلاج، كما في حالة إدمان المخدرات أو الكحوليات أو الجنس أو العادة السرية أو القمار وغيرها.

أثبتت بعض الدراسات والتقارير السريرية أن الشخص الذي يعاني من تاريخ صدمات الطفولة، مثل القلق أو الاكتئاب أو التوتر قد لا تظهر عليه أي من علامات إدمان الكحوليات أو المخدرات أو أي من السلوكيات الإدمانية.

على الجانب الآخر ليس بالضرورة أن يكون المدمن على المخدرات صاحب تاريخ مع صدمات الطفولة، فالكثير من مدمني المخدرات أو الكحوليات قد نشوا في بيئة هادئة ومريحة وأكثر استقرارًا، لهذا السبب ليس من الطبيعي أن نربط ما بين الإدمان وصدمات الطفولة.

العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان

الآن سنتحدث معك عن العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان، عدد كبير من الدراسات والإحصائيات تتحدث عن الرابط القوي ما بين تاريخ صدمات الطفولة والسلوك الإدماني لبعض الأشخاص، حيث أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) ويتعاطون المخدرات يشكلون نسبة 77% من الأشخاص الذين عانون من صدمة قبل سن الـ16 عامًا، إلى جانب العديد من التقارير السريرية التي تتحدث عن طبيعة العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان.

كما أن اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) من أكثر الاضطرابات النفسية التي تقود الإنسان إلى طريق الإدمان والتعاطي، حيث أن نسبة المدمنين أصحاب تاريخ اضطراب ما بعد الصدمة يمثلون 3 أضعاف المدمنين الذين لا يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وبالطبع هناك أبحاث علمية حديثة توضح لنا الرابط الوثيق و العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان خاصة في ظل التعرض إلى الاعتداء الجنسي.

كيف تؤدي الصدمات إلى الإدمان؟

عند الحديث عن العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان نجد بعض الأشخاص يبحثون عن الطريقة، والآلية التي تربط ما بين الإدمان الصدمات، والحقيقة أن الصدمة في الطفولة سبب أساسي في الإصابة ببعض الآثار الجانبية، أهمها صعوبة التأقلم أو التكيف مع المواقف المختلفة التي يتعرض لها الطفل خلال حياته، كما أن بعض الصدمات قد تؤدي إلى ردود أفعال عاطفية وجسدية حادة، والتي قد تدوم لوقت طويل بعد الصدمة، وبالتالي يحدث قد يحدث تغير جذري في طريقة تفكير الشخص ووجهة نظره.

والجدير بالذكر أن طريق الإدمان وتعاطي المخدرات أو الكحوليات أو السلوك الإدماني قد يكون أحد وسائل الهروب، والانفصال عن الواقع المؤلم لدى العديد من الأشخاص الذين يتعرضون إلى صدمة خلال الطفولة، تابع معنا لمعرفة ما هي بيولوجيا حدوث الصدمة وتأثيرها على السلوك الإدماني.

بيولوجيا الصدمة وتأثيرها على السلوك الإدماني

في إطار إثبات الأطباء لطبيعة وشكل العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان تم الربط ما بين بيولوجيا الصدمة والتعرض للإدمان، وذلك بفضل تقنيات تصوير الدماغ وآليات الكيمياء الحيوية، حيث أن التعرض إلى صدمة أو موقف مؤلم ينشط داخل الجسم مراكز الاستجابة للضغوطات الحيوية، ومن المعروف أن الصدمة العاطفية يكون لها تأثير على اختلال توازن الجسم مما يؤدي إلى أعراض جانبية على المدى البعيد والقصير والغالبية العظمى من أجزاء الجسم.

كما أن الجهاز النطاقي أو الجهازالحوفي (جزء من المخ) يعمل في أوقات الشعور بالتحفيز أو المكافئة، أو الذاكرة أو التعلم من خلال إنتاج الهرمونات التي تنظم الجهاز العصبي اللاإرادي، حيث يتم إنتاج مستويات غير طبيعية للهرمونات داخل الجسم، والتي تزيد من الشعور بالضغط والانفعال مثل إفراز هرمون الكورتيزول الذي يلحق ضرر بأعصاب المخ، والتركيزات العالية من الأدرينالين تعمل على تثبط الجهاز المناعي داخل الجسم، إلى جانب فرط التوتر والشعور باليقظة.

وبالتالي هذه المسارات الغير طبيعية من الهرمونات تكون سبب في الذهاب إلى طريق الإدمان الأكثر تعقيدًا، وعلاوة على ذلك، حدوث اختلافات في التعبير الجزيئي والجيني، وإشارات الدماغ المتعلقة بالمكافأة والتوتر والأنماط السلوكية والتفكيرية وغيرها.

كيف تبني شخصيتك ضد مخاطر التعاطي والادمان

علاج صدمات الطفولة والإدمان

كما أشرنا إلى العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان سنتحدث عن علاج الصدمة الطفولة والإدمان، حيث ذكرنا أن الإدمان هو إلا اضطراب نفسي مزمن يحدث خلل نفسي وعقلي وجسدي، أما الصدمة لها آثار جانبية تظهر على المدى القريب البعيد، لذلك علاج الصدمة والإدمان يحتاج إلى طبيب متخصص لإيجاد الحلول العلاجية الملائمة، وذلك بالاستناد على التقييم المزدوج لحالة المريض، فلا ينح بعلاج الصدمة أولًا ثم علاج الإدمان كما يحدث داخل الغالبية من مصحات العلاج.

إذا كنت بحاجة إلى النجاة من الإدمان والصدمة فلابد من البحث عن مركز أو مصحة علاجية تقدم علاج متخصص للحالتين معًا، وهذا ما يعمل عليه الفريق الطبي بمركز CHOOSE لعلاج الإدمان والطب النفسي، كما أن استراتيجيات العلاج قائمة على أسس علمية.

الدكتورة منى اليتامي حاصلة على ماجستير علاج الإدمان ودبلومة العلاج المعرفي السلوكي، فضلًا عن خبرتها الطويلة وعلى مدار سنوات بمجال التشخيص المزدوج، وعلاج الإدمان وصدمات الطفولة بناء على أحدث برامج العلاج النفسي والدوائي، فلا تردد في التواصل معنا الآن.

نهاية موضوعنا حول العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان:

اليوم حديثنا حول العلاقة ما بين صدمات الطفولة والإدمان حيث هناك رابط قوي ما بين تاريخ الصدمات والسلوك الإدماني، لذا أوضحنا لكم تفاصيل العلاقة الوثيقة ما بين السلوك الإدماني واضطراب ما بعد الصدمة، وما هي أفضل الطرق العلاجية التي يمكنها أن تحد من تطور سلوك الإدمان لطفل تعرض إلى أحد أنواع الصدمات التي تحدثنا عنها، الآن يمكن التواصل مع الفريق الطبي بمركز CHOOSE لعلاج الإدمان والطب النفسي لحجز موعد جلسة الاستشارة النفسية، والتعرف على الآليات العلاجية والبروتوكولات المتبعة لعلاج صدمات الطفولة والإدمان.

مصدر1 

مصدر2 

مصدر3

شارك المقال