علاج كرب ما بعد الصدمة للتحرر من الإجهاد النفسي والتغييرات النفسية والسلوكية التي تنجم عن الحادث المأساوي، فالكثير من الأشخاص تتأثر جميع جوانب حياتهم بسبب المشاعر السلبية، وهي حالة نفسية تؤثر على الأشخاص الذين تعرضوا لتجارب مؤلمة، كالحوادث والاعتداءات والكوارث الطبيعية وغيرها، لذلك يحتاج المريض إلى علاج يعتمد على استراتيجيات علاجية متعددة، وسنستعرض أحدث الأساليب العلاجية وفعاليتها في مساعدة الأفراد على التغلب على آثار اضطراب ما بعد الصدمة.
اضطراب ما بعد الصدمة
اضطراب ما بعد الصدمة أو ما يعرف بكرب ما بعد الصدمة هو الإجهاد النفسي الذي يتعرض لها الإنسان بعد صدمة، أو موقف سيئ أو مشاهدة أحداث مؤلمة كحوادث السير، أو التعرض للاعتداء الجنسي أو التحرش الجنسي وغيرها، وأكثر ما يصيب الأطفال باضطراب ما بعد الصدمة انفصال الآباء أو العنف الأسري أو الاعتداءات الجنسية من المقربين وغيرها.
واضطراب ما بعد الصدمة هي الحالة النفسية السيئة التي يمر بها الإنسان بعد موقف صادم، ويترتب على ذلك مشاعر سلبية كالحزن والقلق والتوتر ونوبات الذعر والهلع وتوارد الذكريات المؤلمة، ومن المفترض أن يتحسن الإنسان مع مرور الوقت، ولكن بعض الأشخاص يعجزون عن تجاوز هذه الصدمة، وتتطور لديهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
وللأسف في الكثير من حالات كرب ما بعد الصدمة لا تتلاشي الأفكار والمشاعر السلبية المصاحبة للصدمة، بل تستمر لأشهر وسنوات متتالية وتصبح أكثر خطورة على الصحة النفسية والعقلية للإنسان، وتحديدًا في ظل استرجاع الذكريات المؤلمة للحدث الصادم، وتناوب الكوابيس المزعجة لينعكس ذلك على جوانب الحياة المختلفة.
من أكثر عرضة للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة
اضطراب ما بعد الصدمة يصيب كلًا من الرجال والنساء، ولكن وفق الإحصائيات النساء هن الفئة الأكثر عرضة للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، وتصاحبهم أعراض نفسية أخرى كالاكتئاب والقلق والتوتر والانزعاج طوال الوقت، لذا علاج كرب ما بعد الصدمة يتطلب استشارة الطبيب النفسي المتخصص.
أسباب اضطراب ما بعد الصدمة
لتحديد علاج كرب ما بعد الصدمة الأنسب لكل مريض يلجأ الطبيب إلى إجراء التشخيص الدقيق، لتحديد سبب اضطراب ما بعد الصدمة لتقديم الخدمات العلاجية التي يحتاج لها المريض، وغالبًا ما تكون أسباب كرب ما بعد الصدمة كالتالي:
- التعرض إلى حادث مروع كاد أن ينهي حياتك.
- الإصابات الخطيرة.
- مشاهدة أحداث مؤلمة.
- الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والحرائق وغيرها.
- الحروب.
- الاعتداءات الجنسية.
- العنف الجسدي.
- مشاهدة حوادث القتل أو التعذيب.
كما يجدر بنا التنويه إلى أن بعض المواقف الحياتية من المحتمل أن تكون سببًا في اضطراب ما بعد الصدمة، كالفصل من العمل أو الانفصال عن شريك الحياة والمشاكل المادية كالديون والإفلاس وغيرها، وتطور الأمر إلى حد كرب ما بعد الصدمة يختلف من شخص إلى آخر وفقًا لطبيعته البشرية وردود أفعاله تجاه تلك المواقف.
حيث تزداد احتمالية الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة لدى بعض الأشخاص مقارنة بغيرهم، وإليك مجموعة من العوامل التي تزيد من فرص الإصابة بالصدمة النفسية:
- عدم الحصول على الدعم النفسي الكافي بعد التعرض لصدمة شديدة.
- تكرار التعرض للصدمات النفسية، مثل معايشة الحروب.
- تاريخ من الصدمات النفسية والعاطفية أو إيذاء أثناء مرحلة الطفولة.
- التعرض إلى صدمة شديدة ومروعة.
- التعرض إلى الضغوطات الحياتية بعد اضطراب ما بعد الصدمة كفقدان أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء.
- تاريخ من الإصابة باضطراب نفسي مثل القلق أو الاكتئاب.
- طبيعة الحدث الصادم فعدد من الأحداث الصادمة تزيد من خطر الإصابة باضطراب الكرب خاصة التعرض للاعتداء الجنسي.
كيف أعرف أني مصاب باضطراب ما بعد الصدمة
يجعل الكثير من الأشخاص أنهم بحاجة إلى علاج كرب ما بعد الصدمة، فأنت بحاجة إلى العلاج كي تعود للسيطرة على حياتك، والجهل بالحاجة إلى العلاج يكون بسبب عدم معرفة الشخص بأنه يعاني من اضطرب ما بعد الصدمة، فإليك مجموعة من الأعراض التي تشير إلى أنك بحاجة إلى كرب ما بعد الصدمة:
- استرجاع ذكريات الحادث المأساوي من خلال الذكريات المتكررة.
- كوابيس مزعجة ومتكررة لما مر به الشخص.
- شعور بنفس الألم في أثناء التعرض إلى الصدمة.
- الشعور بضيق شديد عند تذكر الحدث المؤلم.
- أعراض نفسية كالقلق والضيق والخوف والأرق وعدم القدرة على التركيز.
- المشاعر السلبية المستمرة مثل الشعور بالذنب والعار والغضب.
- عدم القدرة على تذكر كل الحدث أو جزءًا منها.
- الشعور باليأس تجاه المستقبل.
الجدير بالذكر أن الأعراض السابقة تشير إلى الإجهاد النفسي بعد الصدمة، لذا يمكن القول أن الإنسان يعاني من كرب ما بعد الصدمة إذا استمرت تلك الأعراض لمدة تصل إلى 3 أشهر أو أكثر من ذلك، وأظهرت تأثيرًا على جوانب الحياة المختلفة سواء الاجتماعية أو العملية أو العاطفية وغيرها، وفي هذه الحالة يحتاج المريض إلى المساعدة من الطبيب النفسي.
أقرأ أيضًا عن: طرق علاج الصدمة النفسية
علاج كرب ما بعد الصدمة
الأطباء النفسيين من أجل علاج كرب ما بعد الصدمة يلجأون إلى طرق مختلفة، فلا يوجد علاج واحد فعال لجميع المرضى، وكما ذكرنا سابقًا أن علاج اضطراب ما بعد الصدمة يحدد بناء على سبب الصدمة، وفريقنا الطبي بمركز لعلاج الإدمان والطب النفسي يقدم أفضل البروتوكولات العلاجية التي تساعد مرضى كرب ما بعد الصدمة، ويصمم البرنامج العلاجي خصيصًا لكل مريض، ومن أشهر برامج علاج كرب ما بعد الصدمة التالي:
علاج المواجهة المطول
علاج كرب ما بعد الصدمة الأساسي يركز على عيش المريض لحالة الخوف من الصدمة، ثم التركيز على تفادي تلك المشاعر والأفكار والمواقف التي يتذكرها، والهدف من العلاج هو تقليل مشاعر المريض بالخوف من ذكرياته وتعلم كيف يسيطر على أفكاره ومشاعره حيال الحدث المأساوي، وآلية المواجهة المُطولة علاج خاص يعتمد على 4 عناصر كالتالي:
- التوعية بهذا المرض وسبل علاجه.
- التحدث بشكل مفصل عن تجربة الصدمة.
- التدريب على أسلوب التنفس للتخلص من مشاعر القلق.
- التدريب على التعامل مع المواقف حياتية المرتبطة بالصدمة.
المعالجة من خلال العمليات المعرفية
هذه المعالجة تساعد على التحكم في أفكار المريض ومشاعره المزعجة، حتى يتمكن من اكتساب القدرة على تفهم الصدمة وآثارها بشكل أفضل، وخطوات هذه المعالجة ما يلي:
- التوعية المتعلقة بهذا المرض وسبل علاجه.
- مراقبة أفكار المريض ومشاعره وإدراك أثر الصدمة في تغيير نظرة المريض لنفسه ولغيره وللعالم.
- إعادته مبادئ المريض التي تزعزعت بسبب الحاد الصادم مثل الشعور بالأمان والثقة بالنفس وتقدير الذات والآخرين.
- تطوير مهارات المريض لمساعدته على تغيير الأفكار الهدامة التي تعيق شفائه.
جلسات إعادة البناء المعرفي
هذا النهج العلاجي يساهم في تحديد أنماط الأفكار غير السوية والاعتقادات الناجمة عن الصدمة للعمل على تغييرها، وبشكل عام يعتمد هذا النهج على استخدام مفكرات يومية لتدوين أفكار المصاب وأحاسيسه بمساعدة طبيبه، ثم استبدال هذه الأفكار بأخرى غير مزعجة، ويتعلم كيفية التعامل مع سبل التعامل مع مشاعر الغضب والذنب والخوف.
إبطال التحسس وإعادة المُعالجة بحركات العين
من البرامج الحديثة لعلاج كرب ما بعد الصدمة هي إبطال التحسس وإعادة المعالجة بحركات العين، وهي التي وهي آلية علاجية تجمع بين عناصر طريقتي العلاج بالمواجهة والعلاج المعرفي، وتركز هذه الطريقة العلاجية على استخدام طريقة معالجة الدماغ للمعلومات للتخلص من ردات الفعل الناتجة عن الصدمة.
كما أن جلسات المعالجة تركز على التفكير بالحدث لتحديد الأفكار السلبية المرتبطة به، ومحاولة تغيير ذلك إلى التفكير الإيجابي وتحريك العين من جانبٍ لآخر بصورة سريعة، مع التركيز على الصدمة المراد علاجها، وعلاوة على ذلك، تستخدم هذه المعالجة على الأصوات والنقر إلى جانب الطرق الأخرى التي تحفز نصفي الدماغ، والتي أثبتت أنها على الدرجة من الفعالية في علاج كرب ما بعد الصدمة.
موضوعات ذات صلة: اضطراب ما بعد الصدمة ما له علاج
أدوية علاج اضطراب ما بعد الصدمة
علاج كرب ما بعد الصدمة بجانب العلاج النفسي يتطلب تطبيق العلاج الدوائي، حيث ظهرت فئة من الأدوية التي تساعد على التخلص من الآثار السلبية لاضطراب ما بعد الصدمة، ومن أشهرها مضادات الاكتئاب مثل مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية، التي نجحت في مساعدة الكثير من مرضى كرب ما بعد الصدمة، وتوصف هذه الأدوية بجرعات محددة لتجنب ظهور أي أعراض جانبية.
تضم هذ الفئة أدوية مثل سيتالوبرام وفلوكسيتين وباروكسيتين وسيرترالين، بالإضافة إلى دواء زولوفت وباكسيل لعلاج كرب ما بعد الصدمة على المدى الطويل، والجدير بالذكر الجمع بين الجلسات العلاجية والأدوية هي الطريقة الأكثر فاعلية لتحقيق التعافي وعلاج كرب ما بعد الصدمة، إذا كنت بحاجة إلى المساعدة لا تردد في التواصل معًا على الفور، وفريقنا الطبي سيحدد لك أقرب موعد للجلسة الاستشارية.